في الليلِ جلستُ أكتبُ واجباتي المدرسيةَ... أجبتُ عن جميعِ الأسئلةِ، ثم رسمتُ خارطةَ الوطنِ العربيِ. لَوَّنْتُ السهولَ بالأخضرِ، والبحرَ والأنهارَ بالأزرقِ، والجبالَ والهضابَ بالبُنيّ والأصفرِ... وعندما انتهيتُ، نظرتُ إلى الخارطةِ نظرةً أخيرةً، فارتسمتْ على شفتيَّ بسمةُ السعادةِ والرضى.
قالَ جدِّي:
ـ هاتِ الورقةَ والقلمَ.
ثم ثَبَّتَ النظارتين السميكتين على مقدِّمةِ أنفِهِ...
بدأ جدي يرسمُ... ملأ الورقةَ خطوطاً متداخلةً. لكنه فجأةً مزَّقَ الورقةَ، ورمى القلمَ، وقال بعصبيةٍ:
ـ القلمُ رديءُ الخطِّ؟!..
قلتُ ضاحكاً:
ـ ما ذنبُ القلمِ يا جدِّي، إذا كنتَ أنتَ لم تتعلمْ في مدرسة؟!..